30‏/12‏/2013

مُذكِرات رجل حائِر 4


" آية الكرسى ومنجى المولود السعيد " 



بعد عودتى من العمره كانت تشغلنى تلك الدعوه التى دعوتها هناك ورُحت أتمناها وأدعو بها كل ليله وأنا على يقين أنها ستتحق إن شاء الله
نعم فهى من علمتنى حُسن الظن بالله
ولقد أتقنت حقاً هذا الدرس
وكان إنتظارى لأن يرزُقنى الله بتلك الطفله التى
ستكون نسخه مُصغره من أمها بكل ما فيها هى دعوتى الدائمه
لكم أتمنى أن تأتى لأخبرها كم هى رائعه فاتنه بملامحها وحنيتها وضحكتها التى تشبه أمها كثيراً وخجلها الذى هو الجزء الفاتن فى أمها وقد ورثته عنها
ولم أكُن أعلم أن رفيقة عمرى وهدية الله إلى قلبى تمنت أيضاً أن يرزُقها الله بذلك الطفل الذى سيأخذ كل خصالى وطباعى وكل ما فى
وكانت هذه هى أمانينا التى دعونا بها ورفعنا بأيدينا يومها أمام الكعبه متضرعين إلى الله طلباً وطمعاً وثقةً فى أن تُلبى دعواتنا
وفى يوما بعد مرور أشهر على عودتنا من العمره
راحت تطلب منى ان نذهب لشراء بعض الاشياء وذهبت معها
وراحت تشترى أصغر حذاء على الاطلاق
لا أنكر لحظتها ان قلبى كاد أن يقف وربما توقف فعلاً للحظه
ورحت أحتضنها وأبـكــــــــى وأبكى وأبكى !!
تلك هى اللحظه التى لا تستطيع أن تصفها أو أن تُدرك ردود أفعالك بها
هى أصــدق لحظات حياتك على الإطلاق !!
 ورحنا نجوب ونرى ذلك الحذاء الذى  يكفى فقط لغطاء جزء من أصغر أصابع يدى وذلك السرير الذى لا يكفى سوى لأطراف قدمى وكانت تغمرنا سعاده
أتمنى من الله أن لا يحرم أحداً منها قط  
ومنذ ذلك الوقت وقد قررت أن أشاركها كل لحظه خلال التسعة أشهر
 وأكثر ما كان يشغلنى هو أن أكون ذلك الزوج والأب الذى يجب أن يكون
وقرأت كثيرا عن التغيرات التى تصاحب المرأه أثناء حملها وكيفية التعامل مع تلك التغيرات النفسيه وكيف أن هى أهم لحظاتها وأضعفها وأكثرها خوفاً ووجوب تواجد كل زوج بجانب زوجته فى تلك الأشهر
وكم أتمنى أن أستطيع وصف مشاركتى لها
فـ والله لن يكفينى ألف كتاب وكتاب
وأكثر ما وقفت أمامه عجزاً
هو قدرة الله سبحانه وتعالى فى تكوين الإنسان والتى وضعها سبحانه  فى قوله فى سورة المؤمنون 12-14

وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِن سُلالَةٍ مِّن طِينٍ ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنشَأْنَاهُ خَلْقًا آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ

صدق الله العظيم

وكيف رغم كل ما تمر به الأم من تغيرات وألم يتكون معها الحنان وذلك الرابط الخفى الذى يصلها بطفلها وإحساسها به فى كل خطوه كالحبل السُرى الذى يربط الطعام بين الأم وإبنها خلال فترة تواجده فى أحشائها
حقا لقد فاته الكثير من لم يشارك زوجته فى أشهرها ولم يقرأ عن ذلك الإعجاز الربانى
وفى يوماً كان من الأيام التى أراها فيها مُتعبه وهى ترى مدى خوفى وقلقى عليها وكان من الصعب عليها أن تشتكى ألماً إلا إذا فاق حد إحتمالها !!
راحت تخبرنى أنها تعلم أنه ولد وكنت أستغرب بشده فأخبرتنى أن أول ما تمنته أن يكون أول ذريتها ولداً يشبهنى وأخبرتها أننى أريدها فتاه ولقد دعوت الله أيضاً بذلك راحت تبتسم بشده وقالت
" ألهذا السبب أشعر بالتعب مرتان !! "
لم أفهمها حينها ولكن تيقنت أن هناك شيئاً ما ولم أكن لأهتم إلا بتعبها الذى لكم تمنيت أن أمحوه أو انزعه منها
وعند ذهابنا الى الدكتور لنطمئن على صحتها كان لها هوايه خاصه خلال جلوسنا لإنتظار دورنا تلك الهوايه التى تُميتُنى ضحكاً
فقد كانت بارعه فى أن تتخيل حوار الاطفال فى بطون أمهاتها وكانت تضحك وكأنها لا تشعر أبداً بالألم وكنت أعشق ذهابى معها لكى أضحك على تعبيرات وجهها وكلماتها وتعليقاتها ودعواتها
كنا قد أتفقنا ان لا نعرف ما هو نوع المولود وبالفعل خلال التسعة أشهر لم نعرف سوى عند الولاده

وفى اليوم التالى وبعد أن تحسنت أخبرتنى أنها تريد أن تهدينى هدية زواجنا التى لم تستطع ان تقدمها لى فى ذلك اليوم
وكانت الهديه هى أنها منذ فتره ليست بقصيره تقوم بالإستعداد لتقديم اوراقى فى منحه للماجستير
وكانت تنتظر الرد بالموافقه وقد جائت الموافقه وقُبلت المنحه
وكعادتى لا أستطيع ان أصف شعورى
 فما كان منى إلا اننى نزل علي صمتاً رهيبا لاننى منذ فتره كنت أفكر كثيرا فى أن اقدم للماجستير وكعادتها تسبقنى هى الى سُبل سعادتى
وراحت تستعد هى للمولود وتعيننى على المذاكره والعمل
وفى يوم وبعد عودتى من العمل أخبرتنى أن أولادنا يريدُ أن يخبرونى شيئا
فكان وقع هذا على آذنى غريب " أولادنا " وكانت دائما ما تتحدث بصيغة الجمع
وكأنها تحمل فى قبيله وليس طفلاً واحداً
وكنت متشوق لسماع ما سيقوله أبنائى
وأمسكت يدى وأوضعتها عليهم وراحت تكلمنى بصوتها الهادئ الحنون وتخبرنى أنهم فخورين جدا بكونك أبيهم وأنهم يعلمون مدى شغفى لقدومهم وأنهم سيُشبهونى كثيرا وسأكون قدوتهم فى الحياه
وأنهم يشكُروننى أننى لم أطعمهم يوما إلا من الحلال
 وحافظت على أمهم وعليهم وأنهم يودُون القدوم إلى الدنيا
وأبيهم يحمل لقب الدكتوراه ,,
كانت صيغة الجمع حقاً تُبهرنى فى كلامها !!
ما أروعه ذلك الإحساس !!
ليت الكلام يعبر عن الحال أو يصف ذره من إحساسها وإحساسى نحوها .
كُنت أغار كثيرا عليها خاصة عندما أجدها تُحادث أطفالنا كُنت أصغى إلى كلامها الهادئ وكانت غيرتى تكمُن فى أن رزقهم الله بأن تكون لهم أماً مثلها
كانت تعشق أن تقرأ لهم ولى كل ليله " آية الكرسى "
 لا أعلم مدى إرتباطها بتلك الآيه خاصة أنه كانت تلمع عينيها كثيراً عند قرآتها
وتُخبرنى انها تتمنى أن يتعلم أطفالنا تلك الآيه قبل أن يتعلمُ " بابا وماما "
وكانت تستمتع كثيراً فى أن تحكى لهم عن الأنبياء وتُسمعهم القرآن الكريم
حتى ظننت حقا أنهم يسمعونها فهم بالفعل كذلك هذا ما تبين لى بعد ذلك
لا أنسى أيضاً غيرتى التى كادت أن تفتك بقلبى عليها عندما شاهدت حبها الشــديــد لل
"
مـــــانــــجـــو "


وزادت غيرتى عليها فى بداية حملها عندما أخبرتنى أنها تشم رائحة المنجى
 " منجى !! "
فى فصل الشتاء من أين لكى بهذه الرائحه حبيبتى ؟!
وكنت أعلم أن هذا ما يُسمى الوحم ولكن كان زائد لديها
خاصة أنها أخبرتنى قديماً أنها لا تعشق فاكهه مثلما تعشق المنجى
ربما كانت المنجى هى احدى اسباب الأرق بالنسبة لى
ولكن كانت سببا فى أن أجوب المنطقه بحثا عنها
ولم أجد سوى عصير
ولكن لم ترضى أبداً به لم يُشبعها
 فكانت تريد ان تأكل منجى لا أن تشربها !!
وكان من أصعب الطلبات وأسعدها إلى قلبى خاصة بعد سهر وإرهاق فى
البحث عن تلك التى تدعو 

فاكهة " المنجى "
ووجدتها أخيراً وعندما رأيتها وهى تأكلها
ربـى أشُهدُك أننى لم أشعر بذلك الشعور النارى الذى كان بداخلى حينما تمنيت أن أكون أنا المنجى التى تأكلها بكل ما تحمله المعنى من العشق وكأنها على موعد مع سعادتها
 ولن أنسى نظرتها لى ويكسو الحَمار على وجنتيها وهى فى قمة خجلها !!
والتى تمنيت ان يقف الزمان وأُمسك بعدسة تصوير لأخبر كل سكان العالم
ان من فاته تلك اللحظه كان من فاته قطار العمر
طفلتى هى حقاً مجنونه وأنا اذوب فى عشق هذا الجنون !!

ها قد مر الآن على مولودنا العزيز 9 أشهر وحان وقت الخوف والمعاناه
لا أنسى ذلك اليوم الذى راحت هى تعد لى العشاء لكى استعيد قواى واقوم بالمذاكره لاستعد للمناقشه فهى ستكون بعد شهر وبعد تناولنا العشاء غلب على النوم وراحت تخبرنى انها سوف توقظنى باكراً للصلاه ومتابعة مذاكرتى وراحت كعادتها تذهب معى إلى السرير وتقرأ لى ولهم " آية الكرسى " والمعوذتين وما كان منى سوى النوم وراحت هى بجانى تتألم ,
 كنت أشعر خلال اليوم أن هناك خطب ما بها ولكن لم ترد يوما ان تخبرنى بألمها ولكن طفلتى لم تعد تحتمل الآن
ولكن أصرت ان تتحمل كل هذا حتى لا توقظنى وراح صوت أنينها الصامت
يصلنى ويخبرنى بأنها بأمس الحاجه إلى
وإستيقظت ووجدتها فى قمة تعبها أحمد الله اننى قبل تلك الفتره اعددت كل شئ للإستعداد لتلك اللحظه وكل ما علينا هو اننا نذهب الى المشفى الآن
وذهبنا الى المشفى
تذكرت حينما أوصتنى أن لا أتركها مهما صار حتى وإن طلبت الدكتوره عدم وجودى ووعدتها حقا بذلك وحان الوقت لأفى بوعدى وسمحت لى الدكتوره أن أكون بجانبها
ولم أترك يدها لحظه وعندما أنظر إليها ولا أجدها تتألم كنت أكاد أن أجزم أن كل الذين تحدثو عن ألم الولاده كاذبون فكيف لها أن لا تتألم ؟
 وكان يجول بخاطرى معلوماتى عن الولاده بأن
" ألم الولاده يعادل كسر 42 عظمه !! وهو أشد انواع الألم بعد الحرق حياً "
وعندما أنظر إليها ولا أجد منها سوى الإبتسامه التى تخفى الكثير
 كنت أشفق عليها من ذلك الألم الذى لو كان رجلاً لقتلته
ويمر الوقت وأنا مُمسك بيدها وأتلو عليها أحب الآيات الى قلبها

اللّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ 


وفى إنشغالى بها جاءت الدكتوره لتخبرنا ما كنا ننتظره كثيراً
 أأنتظر بنتاً تُشبه أمها أم ولداً يُشبهنى !!
حتى أخبرتنا أن نستعد لإستقبال " التوأم السعيد "
 ونبحث من الآن عن أسم لهما ولد وبنت
يا إلهى لقد إستجاب ربى لدعوتنا ولم يردها فرزقنى ورزقها بما تمنينا
" ملك ومالك "
هكذا تمتمنا أنا وهى فى نفس واحد

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق